النظام السياسي الفلسطيني بعد التاسع من يناير ...وخيارات حماس..!!
بقلم: عماد عفانه
صحفي وباحث سياسي
3-12-2008م
يعلم الجميع أن النظام السياسي الفلسطيني هو نظام فريد وغير مسبوق في التاريخ الحديث، حيث أن العدو الصهيوني ومسانديه من العرب والعجم نجحوا في جر ما كان يسمى بالممثل الشرعي والوحيد للعشب الفلسطيني م.ت.ف الى مؤتمرات السلام بدءا بمدريد وليس انتهاءا ربما بانابوليس، الامر الذي سمح معه العدو الصهيوني لفريق فلسطيني وبناء على اتفاقات أوسلو على إقامة سلطة في القطاع والضفة الفلسطينية وذلك ضمن تفاهمات أمنية مشدد لتقوم هذه السلطة بالمهام الأمنية التي كان يقوم بها الاحتلال طوال فترة الاحتلال الماضية من ملاحقة المقاومة، وتجفيف منابع الأحرار، وتدمير أي مقومات لاقتصاد فلسطيني قابل للنمو والازدهار.
ولاستخدام هذا السلام الكاذب كجسر للعبور والتطبيع مع المحيط العربي كأحد أهم بوابات السيطرة الاقتصادية التي افصح عنها الداهية الماكر شمعون بيرس عبر تسميات ومشاريع مختلفة منها الشرق الاوسط الكبير وغيرها.
وما يعنينا هو النظام السياسي الفلسطيني الذي صنع على عين العدو الصهيوني والذي تمثل بالسلطة، يمر الان بمرحلة حاسمة من تاريخه، بعدما بات مؤسسي هذه السلطة وهذا النظام في خطر داهم اثر الاستحقاقات الحقيقية القانونية والدستورية والتي تسمح لحركة حماس كأغلبية انتخابية بتبوء رئاسة هذه السلطة.
حيث يجمع خبراء القانون انه بعد التاسع من يناير المقبل يصبح الرئيس عباس مواطن عادي غير ذات صفة قانونية او دستورية.
ويصبح وبشكل تلقائي وبنص الدستور رئيس المجلس التشريعي المختطف د.عزيز دويك رئيسا للسلطة، وبذا تسجل سابقة تاريخية جديدة- حيث برع الفلسطينيون في تسجيل السوابق في هذا الزمن المقلوب- بان يصبح رئيس كيان فلسطيني شرعي معترف به دوليا مختطف في سجون العدو ومغيب للعام الثالث على التوالي.
حتى الان نحن نتحدث عن الدستور وعن القانون ولم نتطرق الى خيارات حركة حماس – كأغلبية انتخابية- حيال هذا الأمر.
وغني عن القول ان الرئيس عباس واستباقا لهذ ا الأمر، وتسليما كما يبدوا بواقع نزع الصفة الشرعية والقانونية عنه كرئيس للسلطة بعد التاسع من يناير، لجأ - وبناء على توصيات دوائر قانونية واستخباراتية صهيونية وغربية ربما- الى المجلس المركزي للمنظمة فاقدة الاهلية والشرعية والصلاحية لتسميته في جلسة مسرحية هزلية مخزية رئيسا لدولة فلسطين الغير موجودة، حيث – وكما اسلفنا- برع الفلسطينيون في تسجيل السوابق بتسمية الرئيس قبل ايجاد الدولة.
وعليه بات امام حماس كأغليية انتخابية وبرلمانية خيارات قانونية ودستورية بعد التاسع من يناير، ويمكن سردها كالتالي:
1- بناء على غياب لغة حوار مشتركة بين حماس وبين عباس حتى الآن على الأقل، من المتوقع أن تتمسك حماس بنص القانون والدستور الفلسطيني، ومن المتوقع ان تلتزم بالاستحقاق القانوني والدستوري الذي يقضي باعلان رئيس المجلس التشريعي المختطف د. عزيز دويك رئيسا للسلطة.
ومع علم حماس عدم امكانية ممارسة د. دويك لصلاحياته رئيسا فانها ستصر على ذلك امعانا في نزع أي صفة شرعية او قانونية على الرئيس عباس بعد التاسع من يناير حتى لو بقي منصب رئيس السلطة شاغرا.
2- الاحتمال الثاني هو امكانية التوقع ان تقوم حماس بتنصيب د. احمد بحر رئيسا بحكم القانون الذي ينص على انه في حال غياب رئيس المجلس التشريعي فان نائبه يقوم بمهامه، وعليه هناك امكانية وأرضية قانونية لهذا الاحتمال.
لكن وفي ظل التوقعات التي تشير الى احتمال اعلان الرئيس عباس عن انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، فانه من المتوقع ان تعلن حماس عدم مشاركتها في الانتخابات التشريعية تمسكا بنصوص القانون التي تقضي بولاية المجلس التشريعي اربع سنوات، وبعدم احقية الرئيس لاختزال هذه المدة باعلانه عن انتخابات تشريعية الا في ظل توافق داخلي.
اضافة الى عدم قانونية اعلان الرئيس عن انتخابات بعد 9/1 لعدم صلاحيته القانونية وعدم صفته الدستورية.
الا انه وفي ظل توصية وزراء خارجية الدول العربية ببقاء عباس الى حين تحقيق المصالحة الوطنية والوفاق الوطني، فانه من المتوقع ان تعتبر حماس هذا الكلام مجرد توصية وليست قرارا، أي انها غير ملزمة لأحد، بمنطق ان على الجامعة العربية تطبيق قراراتها اولا وفي مقدمتها قرار كسر الحاصر العام الماضي قبل ان تطالب بانفاذ توصياتها.
فضلا عن ان تمديد الجامعة العربية وحتى الامم المتحدة ومعها كل العالم للرئيس عباس لا يغني عنه شيئا في ظل وجود نصوص قانونية ودستورية واضحة فضلا عن الارادة الشعبية التي لا لبس فيها والتي تتوق الى اليوم الذي تتنتهي فيه ولاية رئيس سفه مقاومته ونضالاته على مدى العقود الطويلة الماضية وهندس اتفاق باع بموجبه اكثر من ثلاثة ارباع الوطن للعدو.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ما العمل وما المخرج من كل هذه التعقيدات؟
ونقول ان سياسة صناعة ازمة لحل ازمة اخرى هي سياسة اثبتت نجاعتها في اكثر من مكان واكثر من مكان، وعليه ربما تأخذ حماس زمام المبادرة وتعمد الى مغادر مقاعد ردات الفعل كي لا تنحدر من اعلى المسار الوطني الذي تبوأته عبر صناديق الانتخابات، وان تلعب في ذات الملعب الذي يحتكره الرئيس عباس واجهزته الموجهة امريكيا وصهيونيا ويستقوي به عليها، أي بمعنى آخر ربما عليها تفعيل ساحة الصراع مع العدو الصهيوني وبكل ثقلها في الضفة المحتلة، الامر الذي سيقنع جميع الاطراف الصهيونية والغربية بعدم اهلية وصلاحية الرئيس عباس لا لقيادة شعبه ولا لحماية العدو المحتل من المقاومة الامر الذي سيجبر العدو الصهيوني على دراسة خيارات اخرى ليس اقلها التفاهم مع الطرف الاقوى وهو حركة حماس.
مع ضرورة التسجيل هنا الى ان حماس لايبدوا انها تبحث عن تفاهم مع العدو ولا عن صلح ولا استسلام، بل تبحث عن كل ما يمكِن لمقاومتها ولشعبها من التجذر في ارضه ومن الوصول الى حقوقه المشروعة.
الرئيس عباس ومن قبله الرئيس عرفات سلكا في سبيل ذلك طريق المفاوضات كخيار استراتيجي ونبذا المقاومة ولاحقاها ولم يحصلا من العدو المحتل على شئ يذكر سوى توسيع الاستيطان والتمكين لتهويد المقدسات بل واكثر من ذلك وهو قتل الرئيس عرفات.
اما حماس فتسلك سبيل المقاومة ولا تمانع في التفاهم مع العدو عبر طرف ثالث للتوصل الى تهدئة طويلة الامد تلملم فيها شعث شعبنا وتسند صموده وتقوي صفوفه وتهيئه لجولة صراع قادمة لا يكون فيها الطرف الاضعف والمغلوب على امره.
والى حين الوصول الى ذلك تحاول رد سهام الاعداء من داخل الصف الفلسطيني ومن داخل الصف العربي فضلا عن سهام العدو الصهيوامريكي، الأمر الذي يفسر كل ما تعانيه حماس مع شعبها من حصار وحملات تشويه وتآمر واضعاف.
لذى على حماس ان تنفخ في اوصال شعبها مزيدا من آيات الصبر والثبات وان تزيد التصاقها بشرائحه المسحوقة وتبرز معاناتها من اجله كي تلتحم القلوب الارواح قبل الايدي والاكتاف.