ها قد حان وقت الغدا، والتفت العائلة حول المائدة، تلك المائدة العامرة بالخيرات وبكل ما لذ وطاب، فجأة بدأت نشرة الاخبار، كان المراسل يتحدث عن الوضع المأساوي في قطاع غزة، كانت الصورة وحدها دون حديث المراسل تشرح ذلك الوضع شرحا دقيقا، لا داعي لحديث المراسل، لا داعي لتحليل الوضع هناك، كانت الصورة تحمل أفضل تعبير. كانت الام تبكي على الحال التي آلت اليها الحياة في القطاع، كانت تبكي الحال في القطاع كله وليس حال منزلها، كان العجين مرصوصا منتظرا هو الاخر ان يدخل الى الفرن، فلم تكن قد انهت خبز كمية العجين كلها وقد الهت أطفالها ببعض الخبز الجاف فلم تستطع ان توفر لهم غير ذلك الفتات، كما ان المنزل في حالة يرثى لها حتى الماء لم يكن متواجد للشرب او للتنظيف او لغسيل الملابس.
وما ذاد الطين بلة منظر ذلك الطفل الصغير الذي يعجز حتى عن التنفس دون مساعدة احد افراد اسرته لضخ القليل من الهواء والذي اصبح غالي الثمن هذه الايام.
يا ترى ما الذنب الذي ارتكبوه وما الجرم الذي اجرموه اولائك الاطفال الذين حرموا حتى من وجبة ساخنة كباقي أطفال العالم؟!! ما الذنب الذي ارتكبه ذلك الرجل الذي يبكي ضيق الحال وعدم قدرته اسكات جوع اطفاله.
هم لم يطلبوا قصورا او طائرات، لم يطلبوا سوا القليل من الطعام والهواء، هل هذا كثير؟؟!!!
بمشاهدتنا لتلك المشاهد، طلبت اغلاق جهاز التلفاز او تغيير القناة وغادرت المائدة ف وتركت الطعام ورائي، فلم اعد اطيق ان ننعم بأي شيء من نعم الله علينا وانا اشاهد حرمان الطفولة من لمسة حنان او نظرة عطف وبريق امل. ولكن يا ترى هل هذه المشاهد يمكن ان تؤثر في قولب اولي الامر والكبار في هذا العالم؟ هل من الممكن أن يتأثر أحد الزعماء ويترك طعامه عند رؤيته لهذه المشاهد، هل تؤثر فيه تلك الدموع؟؟ هل مازال لدى الزعماء نخوة او شهامة؟ هل يستطيع أن يكمل وجبته عند مشاهدته لتلك الصور؟
ولكنني افقت بعد تلك الاسئلة على وميض يلمع في عقلي، لقد عرفت الاجابة، فلا داعي للسؤال بعد ذلك. أتدرون ما الاجابة؟
لا بد ان هؤلاء الكبار لا يشاهدون نشرات الاخبار او ربما هم مشغولين بأمور أهم كمناقشة تبعيات الأزمة المالية العالمية ومراجعة حسابات البنوك الخاصة بهم أو تتبع أسعار الاسهم في البورصات العالمية، فلا بد لنا ان نلتمس العذر لهم فهم معذورون فيالهم من مساكين فربما قلت ملايينهم قليلا!!
فكان الله في عونهم فهم لا ينقصهم الحزن لمشاهدة دموع الاطفال الجوعى. فكان الله في العون.